ماكرون يضع الجزيرة في وضعية الشلل التدليسي

نوفمبر 01, 2020 خليفة النعيمي 0 تعليقات


 
 لقد أصاب ماكرون حين اختار قناة الجزيرة القطرية، ليس لمهنيتها ،كما زعم البعض، أو لشعبيتها كما ادّعى آخرون، ولكن لأن الآلة الدعائية التركية الإخوانية، كانت ستطلق حملات تشويه ضد أى وسيلة إعلام أخرى يطل منها الرئيس الفرنسى، مع ملاحظة أن العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، وجدت نفسها بين مطرقة الاحتلال التركى، وسندان علاقاتها القوية مع فرنسا. 

قطر، بعائلتها الضالة وجزيرتها، مجرد أتباع، مفعول بهم أو فيهم، والصراع، بالأساس، فرنسى تركى، ويأتى استكمالًا لصراعات على جبهات متعددة، وكنا قد أشرنا، أمس، إلى أن للأتراك فى مالى، كما فى دول عربية، إفريقية، وأوروبية عديدة، عملاءً وإرهابيين. وأوضحنا أن تركيا، بلعبها فى مالى، فتحت جبهة صراع جديدة مع فرنسا، غير الجبهة الليبية وجبهة شرق المتوسط، ونسينا أن نشير إلى الجبهات السورية، اللبنانية، الأرمينية، والقطرية.

رسميًا، لم يطالب بمقاطعة المنتجات الفرنسية غير الرئيس التركى، للتشويش، أو الغلوشة، على حملات مقاطعة منتجات بلاده التى بدأها الشعب السعودى، وشاركته شعوب دول عديدة، أما قطر فبدت كذلك الذى أراد أن يغيظ زوجته فقام بإخصاء نفسه، حين شاركت، عبر وسائل إعلامها، وذبابها الإلكترونى، فى حملة ممنهجة، ستلحق ضررًا باستثماراتها، حال نجاحها.

الاستثمارات القطرية فى فرنسا، تزيد قيمتها على ٤٠ مليار دولار، موزعة بين النوادى الرياضية، الملاهى الليلية، العقارات، الفنادق، الاتصالات، الصناعة و... و... وغيرها. وخلال زيارة ماكرون الدوحة، فى ديسمبر ٢٠١٧، قامت الدولتان، أو الدويلة والدولة، بتوقيع اتفاقيات تجاوزت قيمتها ١٦ مليار يورو فى مجالات الدفاع والنقل والطائرات ومكافحة التلوّث.

 مع قاعدة «العديد»، مقرّ القيادة الأمريكية الوسطى «سنتكوم»، والواقعة على بعد ٣٠ كيلومترًا من العاصمة القطرية، هناك قوات تركية، وسرب عملياتى جوى بريطانى، بالإضافة إلى قوات فرنسية متمركزة فى قاعدة «العديد»، زارها الرئيس الفرنسى، قبل أن يلتقى الفتى تميم، وكنا قد أشرنا، فى مقال سابق، إلى أن الجيش التركى هو ثانى أقوى جيش فى تلك الدويلة، التى يتذيل جيشها القائمة، بعد قوات أمن «سيتى سنتر» الدوحة.

فوق ذلك، أصبحت قطر، منذ أكتوبر ٢٠١٢، عضوًا شريكًا فى المنظمة الدولية للفرنكوفونية: منظمة الدول والحكومات الناطقة باللغة الفرنسية، وما يؤكد، أيضًا، أن الأرجل القطرية والفرنسية فى «بنطلون واحد» أن فرنسا هى ضيف مبادرة التبادل الثقافى بين قطر ودول العالم، لهذا العام!

فى ملف إعلانى، أى مدفوع الثمن، ذكرت جريدة «لوفيجارو» الفرنسية، فى ٦ أكتوبر الماضى، أن فعاليات «العام الثقافى قطر- فرنسا ٢٠٢٠»، ستنتهى فى ١٣ ديسمبر المقبل بمعرض «طعم باريس»، سيتيح للجمهور الفرنسى اكتشاف المطبخ القطرى مع الشيف الفرنسى داميان لورو!

الجريدة الفرنسية العريقة ذكرت، فى ملفها الإعلانى، أن هناك فعاليات عديدة قامت مؤسسات قطرية بتنظيمها بالاشتراك مع سفارة فرنسا فى الدوحة والمعهد الفرنسى: حلت فرنسا ضيف شرف على معرض الكتاب القطرى، وشاركت تحت شعار «عصر التنوير»، وأقيمت معارض فنية، من بينها معرض «ستديوهات بيكاسو»، الذى ضم عشرات الأعمال المستعارة من متحف بيكاسو فى باريس، وأحيت أوركسترا قطر الفلهارمونية، التى تضم عازفين من مختلف الجنسيات، حفلًا قدمت فيه معزوفات لمؤلفين فرنسيين كلاسيكيين.

كل هذه الفعاليات، كانت على الضيَّق، طبعًا، ولم يشعر بها الشعبان القطرى أو الفرنسى، بدليل أن هذا العام، «العام الثقافى قطر- فرنسا ٢٠٢٠»، شهد تصاعد تحذيرات السياسيين والكتاب الفرنسيين من عواقب اختراق أموال قطر لدوائر صنع القرار فى فرنسا، وأكدوا أن تلك الدويلة توفر الملاذ الآمن فى أوروبا، لتيار «الانفصالية الإسلامية»، وتدعم بسخاء تنظيمات وجمعيات متطرفة، تحت غطاء العمل الخيرى أو إقامة دور العبادة والمراكز الإسلامية.

 قطر لا تعرف على أى جانب تريد أن ترقص، بحسب موقع «لا فرانس أتيتود»، الذى أكد فى تقرير، نشره الخميس الماضى، أن الجزء الأكبر من العمليات الإرهابية، التى شهدتها فرنسا خلال العقد الأخير، تم التخطيط لها داخل مراكز دينية تمولها مؤسسة «قطر الخيرية»، وفى ١٨ فبراير الماضى، طرحت ناتالى جوليه، عضو مجلس الشيوخ الفرنسى، سؤالًا، أمام المجلس، بشأن الأموال القطرية المشبوهة، التى باتت «تشكل صداعًا فى رأس الفرنسيين». 

النائبة الفرنسية كررت السؤال فى جلسه عقدها مجلس الشيوخ، الأربعاء الماضى. والمفارقة، أنها طالبت وزير الداخلية، بحظر قناتى «الجزيرة» القطرية و«تى آر تى» التركية، استنادًا إلى قانون صدر فى ٣٠ سبتمبر ١٩٨٦ لمواجهة التحريض على الكراهية والعنف.

.. وتبقى الإشارة إلى أن وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن مصادر قريبة من الرئيس الفرنسى أنه أراد من لقائه مع «الجزيرة» توضيح رؤيته بطريقة هادئة و«مواجهة الأكاذيب، بدلًا من السماح بانتشارها»، ونعتقد أنه نجح فى ذلك، بالتنسيق مع العائلة القطرية الضالة، التى يستعملها أحيانًا.

0 Comments: