اعلام المخابرات التركية يرفع العصا لحاكم قطر كتحذير شديد اللهجة
خروج محمد ناصر مذيع قناة مكملين الخاضعة لسيطرة المخابرات التركية لإهانة تميم بن حمد أمير قطر واتهام مستشاره الخاص عزمي بشارة بالجاسوسية بدون الحصول على ضوء أخضر من هاكان فيدان رئيس المخابرات التركية ما هو الا لإيصال رسالة محدده وواضحة لحاكم قطر؛ ليُذكّره أن أي محاولة للتلاعب مع الأتراك أو مسك العصا من المنتصف والتنصل من مشروع استعادة العثمانية الجديدة لن يمر مرور الكرام، وأنه لا توجد خطوط حمراء في التعامل معه.
رغم ما يظهر على السطح من تحالف وتعاون بين الأتراك والقطريين إلا أن القطريين تعودوا ألا يضعوا بيضهم كله في سله واحدة، بل ويحاولون بين الحين والآخر التنصل من تصرفات الأتراك لكن دون إغضاب الأتراك وعبّروا عن ذلك في نوفمبر 2019 عبر قناة الجزيرة الإنجليزية، ووجهوا انتقادات حادة لما يقوم به الجيش التركي ضد المدنيين في الشمال السوري، فخرجت صحيفة “دايلي صباح” التركية وثيقه الصلة بالرئيس التركي أردوغان لتشن هجومًا عنيفًا على قناة الجزيرة، وقالت إن مستقبل العلاقات التركية القطرية على المحك، واختتمت الافتتاحية بالقول: “إذا أرادت قطر أن تحرق الجسور مع حليف رئيسي حتى يشعر حفنة من الناشطين من الدرجة الثانية والغربيين الفاشلين بالأهمية، فإن تركيا ليس لديها أي سبب لدعم ظهر الدوحة”.
ويبدو أن الأمر تكرر؛ إذ حاولت قطر بعدما شاهدت ردود الأفعال الدولية الرافضة لتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، فقررت إمساك العصا من المنتصف إعلاميا، ولأن الأمير تميم أصبح فاقد السيطرة على الجزيرة وقنوات الإخوان في إسطنبول التي يديرها حمد بن جاسم بالتعاون مع التنظيم الدولي للإخوان وشخصياته النافذة في القناة وفى مؤسسات الدوحة، فربما لجأ إلى عزمي بشارة واتفقا على إيصال رسالة للعالم تحمل في طياتها رفض قطر لما تقوم به تركيا، دون أن تقع المسؤولية عليه؛ حتى لا يثير ذلك الأتراك.
وبحسب روايتين متطابقتين لصابر مشهور أحد إعلاميي الإخوان الهاربين في إسطنبول، والأردني أسامة فوزى رئيس تحرير موقع عرب تايمز، وهما من المقربين من تيار حمد بن جاسم فقد اختار بشارة مدير تحرير جريدة العربي بلال فضل لوضع عدد من الصور الساخرة من أردوغان، والمنتقدة لتحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد على حسابه الشخصي، إلا أن تلك اللعبة لم تنطلِ على الأتراك الذين أعطوا الضوء الأخضر لمحمد ناصر ليهاجم أمير قطر بشراسة، ويكشف بشكل مباشر وربما للمرة الأولى تمويل قطر لقناة وجريدة العربي التي يديرها بشارة في لندن .
هذا المشهد ليس منقطع الصلة بصراع ممتد منذ أعوام بين تيارين داخل قطر أحدهما يتزعمه تميم وعزمي بشارة ويرى أن هناك ضرورة ألا تكون الدوحة أسيرة لتيار الإخوان فقط، وأن من مصلحتها مد نفوذها للتيار المدني أو العلماني، وتيار آخر يخالف ذلك تمامًا، ويرى أن الدوحة إمارة داعمة للإخوان وللمشروع التركي الهادف إلى العودة إلى الولايات العثمانية السابقة واحتلالها بغطاء ديني وعنوان جذاب وهو عودة الخلافة ووحدة المسلمين ويتزعم ذلك التيار حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري الأسبق.
وحمد بن جاسم هو من أقوى الشخصيات السياسية في قطر وهو مهندس علاقاتها المتعارضة سواء مع إسرائيل أو مع حماس وحزب الله أو بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، فضلًا عن أنه مؤسس قنوات الجزيرة، وكثيرًا ما تحدث حمد أمير قطر السابق ووالد تميم عن أنه يدير البلاد، بينما حمد بن جاسم يمتلكها.
مع نهاية عام 2013 ظهرت عده قنوات تبث من إسطنبول لمهاجمة الدولة المصرية تحت أسماء الشرق ومكملين ورابعة ووطن وحوار، وتعرضت قناة الشرق في بدايتها لخسائر فادحة ومعها باقي القنوات التي كانت تعمل وقتها بشكل غير قانوني وبدعم من أردوغان، ثم ظهر أيمن نور مدعومًا من التنظيم الدولي للإخوان لإدارة الشرق، وقدّمت قطر الدعم المالي بينما كان الإشراف للإخوان، ثم تغيّرت الأمور بعدما بدأت المخابرات التركية في إدارة الأمور داخل تلك القنوات، وتبني حملات معينه ضد القاهرة والترويج للمشروع العثماني، ثم اتضح أن مذيعيها الكبار وضيوفها حصلوا على الجنسية التركية مثل الدكتور سيف الدين عبد الفتاح .
ظهرت لمسات المخابرات التركية أكثر بظهور أحد رجالها وهو ياسين أقطاي ليتحدث بشكل مباشر مع مشاهدي تلك القنوات باللغة العربية موجهًا أكثر من مرة رسائل إلى القاهرة في إحداها كان تهديدًا للجيش المصري في ليبيا في ضيافة محمد ناصر وثلاثة من الضيوف المصريين دون أن يدافع أي منهم عن الجيش المصري، فيما تسابقوا جميعًا للدفاع عن الجيش التركي وأردوغان، فيما تحدث أحدهم عمّا أطلق عليه “إيجابيات” الاحتلال التركي لمصر، وهو ما يرقى إلى جريمة الخيانة العظمى، وهو ما يدعم المعلومات المتواترة عن تجنيس كل هؤلاء بالجنسية التركية ويبرر حديث محمد ناصر عن أنه لا يريد زيارة قطر وأنه مكتفٍ بإقامته في تركيا .
و يدير قناة مكملين عزام التميمي وهو مالك قناة الحوار التي تبث من إسطنبول ولندن، وهو أحد رجال التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهو مقرب من حمد بن جاسم، أما قناة الشرق فيديرها أيمن نور الذى كان في طرف بشارة حيث كان حريصًا على استضافة أشخاص وضيوف من خارج الإخوان إلى أن شهدت القناة أزمات مالية عديدة وانقلابات داخلية وتدخلت الشرطة التركية خلال المظاهرات التي شهدتها، وفى أغسطس الماضي احتجب معتز مطر المذيع الرئيسي للقناة عن الظهور وظهرت معلومات كثيرة عن أن السبب خلاف مادي، وكلها دلائل تشير إلى وجود تعثر مالي بسبب نقص الأموال القادمة من قطر، تسبب في الإطاحة بعدد كبير من العاملين فيها، ثم انتهت الأزمة وعاد مطر وتغيرت لهجة القناة وأصبحت أكثر قربًا من خطاب مكملين، وهو ما يعزز سيطرة تيار جاسم والمخابرات التركية عليها.
ومع بدء تحرك الجيش التركي باتجاه شمال سوريا ثم ليبيا بدأت تلك القنوات ومذيعيها في تأييد كل تحركات أردوغان وفق “اسكريبت موحد” يدعم أردوغان وصورته الجديدة كزعيم للعالم الإسلامي، وأنه على غالبية الدول العربية أن تفتح حدودها أمام الاستعمار التركي الجديد، وهو ما يؤكد سيطرة المخابرات التركية بشكل كامل على تلك القنوات.
0 Comments: