الأربعاء، 29 مايو 2024

كيف غيرت البطاطس العالم؟

 

قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تحديد يوم 30 مايو/أيار يوما دوليا للبطاطس لزيادة الوعي بالقيم الغذائية والاقتصادية والبيئية والثقافية المتعددة للبطاطس ومساهمتها كمورد غذائي لا يقدر بثمن وكمصدر دخل للمنتجين الريفيين


كيف غيرت البطاطس العالم؟


قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تحديد يوم 30 مايو/أيار يوما دوليا للبطاطس لزيادة الوعي بالقيم الغذائية والاقتصادية والبيئية والثقافية المتعددة للبطاطس ومساهمتها كمورد غذائي لا يقدر بثمن وكمصدر دخل للمنتجين الريفيين.


وتُعرف دائرة المعارف البريطانية البطاطس بأنها نبات جذري من فصيلة الباذنجانيات واسمها العلمي سولانوم توبيروسوم Solanum tuberosum، وتُزرع لمحتواها النشوي الصالح للأكل وموطنها الأصلي هو جبال الأنديز في بيرو وبوليفيا، وهي واحدة من المحاصيل الغذائية الرئيسية في العالم، وغالبًا ما يتم تقديم البطاطس كاملة أو مهروسة كخضروات مطبوخة ويتم طحنها أيضًا فيما يعرف بدقيق البطاطس الذي يستخدم في الخبز.


وتُعد البطاطس رابع أهم محصول في العالم بعد الأرز والقمح والذرة، والأول بين غير الحبوب. فكيف تمكنت البطاطس أن تقنع العالم، في غضون بضعة قرون فقط، بتبنيها بشكل كامل؟ إن ما جعل البطاطس لا تقاوم هو قيمتها الغذائية التي لا تضاهى، وسهولة زراعتها نسبياً مقارنة ببعض الحبوب الرئيسية، وقدرتها على التنقل بسهولة في الحروب. وعلى الرغم من أن الدول الرائدة في إنتاج البطاطس في العالم اليوم هي الصين والهند وروسيا وأوكرانيا، على التوالي فإن هذه الدول ليست الموطن الأصلي لها.


تاريخ البطاطس

يُعتقد أن البطاطس قد تم تدجينها وزراعتها على نطاق واسع في أمريكا الجنوبية بواسطة شعوب الإنكا منذ 1800 عام مضت. وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية.


وفي مقال نشره دييغو أرغويداس أورتيز في بي بي سي في مارس/ آذار من عام 2020 كتب يقول إن المركز الدولي للبطاطس (سي آي بي)، الواقع في ليما عاصمة بيرو، يشير إلى أن بداية زراعة البطاطس كانت في أعالي جبال الأنديز، بالقرب من بحيرة تيتيكاكا، على بعد حوالي ألف كيلومتر جنوب شرق ليما، ثم انتشرت وأصبحت مصدرًا غذائيًا رئيسيا للمجتمعات الأصلية، بما في ذلك الإنكا، لا سيما باعتبارها مادة غذائية أساسية تسمى تشونيو، وهي منتج من البطاطس المجففة بالتجميد يمكن أن تبقى صالحة للاستهلاك لسنوات أو حتى عقود.


في عام 1532، وضع الغزو الإسباني حدًا لشعب الإنكا، ولكن ليس لزراعة البطاطس. أخذ الغزاة الدرنات (الأجزاء الموجودة تحت الأرض من النبات والتي نسميها البطاطس) عبر المحيط الأطلسي، كما فعلوا مع محاصيل أخرى مثل الطماطم والأفوكادو والذرة، فيما يسميه المؤرخون التبادل الكولومبي العظيم. ولأول مرة في التاريخ، غامرت البطاطس بالخروج من الأمريكيتين. وهكذا، تم إدخال البطاطس إلى أوروبا خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر.


وبحلول نهاية القرن السابع عشر وصلت زراعة البطاطس إلى بريطانيا وأيرلندا. وكان القرويون يقدرون البطاطس لأنها توفر محصولًا غذائيًا لا مثيل له للهكتار الواحد. في أيرلندا على وجه الخصوص، استأجر المزارعون الأراضي التي حرثوها، ومع زيادة اللوردات لرسومهم، اضطروا إلى إنتاج أكبر قدر ممكن من الغذاء في أصغر مساحة ممكنة.


وبالنسبة للمستأجرين الذين لا يملكون أرضا في أيرلندا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان فدان واحد من الأرض المزروعة بالبطاطس وبقرة حلوب واحدة كافيا لإطعام أسرة كبيرة مكونة من ستة إلى ثمانية أفراد وهو أمر لا يمكن لأي حبوب أن تقوم به. وهكذا بدأ افتتان الفلاحين الأيرلنديين والبريطانيين بالبطاطس.


ومن الجزرالبريطانية، انتشرت البطاطس شرقًا عبر حقول الفلاحين في شمال أوروبا، وسرعان ما اكتشف القرويون في السهول الأوروبية التي مزقتها الحرب، بسبب صراعات مثل حرب الخلافة النمساوية وحرب السنوات السبع، ميزة أخرى لزراعة البطاطس حيث كان من الصعب حقًا فرض الضرائب عليها ونهبها، فإذا كان لديك حقل قمح، فهو مرئي بالفعل ويمكن لجامعي الضرائب قياس حجمه بصريًا والعودة في الوقت المناسب للحصاد، لكن البطاطس الموجودة تحت الأرض مخفية جيدًا عن جباة الضرائب وفي زمن الحرب دمر الجنود الغزاة المحاصيل الحقلية وداهموا مخازن الحبوب، ونادرا ما توقفوا لحفر فدان من البطاطس.


وقد لاحظت النخب في ذلك الوقت هذا الأمر، فأمر ملك بروسيا فريدريك الأكبر حكومته بتوزيع تعليمات حول كيفية زراعة البطاطس. وبدأت الدول الأخرى تحذو حذوه، ومع اندلاع الحروب النابليونية في أوائل القرن التاسع عشر، باتت البطاطس تمثل الاحتياطي الغذائي في أوروبا.


وكتب آدم سميث في كتابه ثروة الأمم: "إن الطعام الذي ينتجه حقل البطاطس يفوق بكثير ما ينتجه حقل القمح ولا يمكن لأي طعام أن يقدم دليلاً أكبر على جودته الغذائية، أو على كونه مناسباً بشكل خاص لصحة الجسم البشري".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق