السبت، 9 مارس 2024

العالم في خضم طفرة بناء المدن

 

المستثمرون الأمريكيون أمضوا أعواما في شراء الأراضي سرًا لبناء “كاليفورنيا للأبد”


العالم في خضم طفرة بناء المدن


المستثمرون الأمريكيون أمضوا أعواما في شراء الأراضي سرًا لبناء “كاليفورنيا للأبد”


تخطط الشركات والحكومات حول العالم لبناء مدن أكثر من فترة ما بعد الحرب، والعديد منها قيد الإنشاء بالفعل.


وقد أعلن عن 91 مدينة العقد الماضي، منها 15 مدينة في 2023.


فعلى سبيل المثال، تدرس الهند بناء ثمانية مراكز حضرية. كما بدأ العمال العراقيون للتو في وضع حجر أساس أول مستوطنات من بين خمس مستوطنات مخطط لها خارج بغداد.


عمليات البناء لا تقتصر على الاقتصادات الناشئة فقط، بل أمضى المستثمرون الأمريكيون، أيضاً، أعواما في شراء الأراضي سرًا لبناء مدينة جديدة في كاليفورنيا.


وبالاتجاه نحو الشرق، جذبت صحاري أريزونا ونيفادا، المليارديران بيل جيتس ومارك لور، الذي يملك كل منهما خططا لبناء مدينته الخاصة.


وحتى دونالد ترامب، في محاولته لإعادة انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، اقترح 10 “مدن للحرية”.


لا شك أن العديد من هذه المشاريع ستثير السخرية في مراحلها الأولى، والتاريخ يشير إلى أن الكثير سيفشل، لكن عدد وتنوع المستوطنات قيد الإنشاء يشير إلى أن بعضها سينجح، حسب ما نقلته مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية.


هذا أمر عظيم، إذ أشاد إدوارد جلايسر، من جامعة هارفارد، بالمدن باعتبارها أعظم اختراع للبشرية، معتقدًا أن الأموال والمواهب تجعل المجتمعات أكثر ثراء وذكاء وأكثر مراعاة للبيئة، وأن المدن المتنامية تولد نموًا اقتصاديًا.


صحاري أريزونا ونيفادا تجذب “جيتس” و”لور” .. و”ترامب” يقترح 10 مدن جديدة


ويعتقد الاقتصاديون أن مضاعفة عدد سكان المدينة، يوفر دفعة للإنتاجية بنسبة 2 ـ 5%.


وفي ظل الحاجة الملحة لمناطق حضرية جديدة والقيود المفروضة على النمو المادي في المناطق القائمة، فإن البدء من جديد أحيانًا ما يكون قراراً ذكياً.


عادةً ما تؤدي النزاعات على الأراضي وضعف البنية التحتية إلى خنق التنمية في معظم أنحاء العالم الفقير.


والمشكلة ستتفاقم مع تضخم المناطق الحضرية بمقدار 2.5 مليار نسمة إضافية بحلول 2050، مع ظهور سكان الحضر الجدد في المناطق التي تعاني فيها المدن بالفعل من ضغوط شديدة، وفقًا لتوقعات الأمم المتحدة.


ومن هنا، يأمل البناة أن تساعد المدن الكبرى الجديدة في تخفيف الضغط.


تعاني مدن العالم الغني من مشاكلها الخاصة بها.


فقد جاء الدافع لإنشاء مدينة جديدة خارج سان فرانسيسكو- وهو مشروع يطلق عليه اسم “كاليفورنيا للأبد”- جاء من “النقص الملحوظ في المنازل” على الساحل الغربي للبلاد، كما يقول جان سراميك، الذي يقود مجموعة من مستثمري وادي السيليكون لتحقيق ذلك.


وإذا تمت الموافقة على المشروع، فإن المدينة ستستوعب ما يصل إلى 400 ألف فرد على مساحة 60 ألف فدان مما يُعتبر الآن أرضًا زراعية.


لا شك أن البدء من جديد هو جزء ضروري من الحل لنقص الإسكان.


يأتي مشروع “كاليفورنيا للأبد” ضمن مجموعة من المدن المخططة الهادفة أيضًا إلى تحسين الحياة الحضرية، إذ يستهدف المطور وصول السكان إلى المدارس والوظائف والمحلات التجارية بدون سيارة.


الحماس والمال يمكن أن ينفدا.. والمشاريع الضخمة ربما تصبح أفيالا بيضاء


يذكر أن بناة المدن اليوم قرروا أن سهولة المشي- أو ما يسمى أحيانًا بـ”مدينة الـ15 دقيقة”- هي نقطة بيع حاسمة.


كما تروج بعض المدن، مثل دوليرا الهندية وبلمونت التي يملكها بيل جيتس في أريزونا، لما يسمى “المدن الذكية”، التي تستخدم أجهزة الاستشعار لتوجيه السكان بعيدًا عن حركة المرور أو إخبارهم بالوقت الأكثر ملاءمة للبيئة للاستحمام.


سمح رأس المال الوفير وأسعار الفائدة المنخفضة في عقد 2010 ، للساسة بالاقتراض بسعر رخيص. ورغم أن الفائدة أصبحت أعلى الآن، فإن الحماس للبناء لا يزال قائمًا، إذ تنسخ البلدان الأمر من بعضها البعض.


كما يحرص القادة على استخدام الموارد المالية للدولة لإعادة تشكيل الاقتصادات المحلية، ويعتقدون أن المدن الجديدة ستساعد في ذلك.


إلى أي مدى ستزدهر هذه المدن؟


يجب أن تكون البنية التحتية، مثل الكهرباء والإنترنت والطرق، جاهزة قبل وصول أول ساكن، مما يعني أن التكاليف الأولية قد تكون باهظة للغاية.


أنفق مؤسس California Forever جان سراميك، بالفعل مليار دولار لشراء أرض لمشروع “كاليفورنيا للأبد”، وسيحتاج إلى مبلغ إضافي يتراوح بين 1ـ 2 مليار دولار للمرحلة الأولى من البناء فقط.


ويتوقع مارك لور، جني استثمارات أولية قدرها 25 مليار دولار لمدينته الواقعة في الصحراء. كما سيعتمد الأمير السعودي محمد بن سلمان على ثروات مملكته البترولية لدفع ثمن مشروع نيوم، بتكلفة أولية تبلغ 319 مليار دولار.


لكن الحماس والمال يمكن أن ينفدا، والمشاريع الضخمة يمكن أن تصبح أفيالا بيضاء، وهذا يمكن رؤيته من خلال تخلف المطور الصيني الذي يعمل على مشروع “فورست سيتي” الماليزي عن السداد خلال 2023، حتى قبل أن ينتقل السكان إليه.


يشعر بناة المدن العقلاء بالقلق من تحمل الديون، بالتالي بدأ المطورون في بيع حصص في المشاريع، مما يدل على قبولهم للمشاريع طويلة الأجل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق