الأحد، 30 يوليو 2023

لماذا تثير أقمار إيلون ماسك الصناعية قلق الجيوش والقادة حول العالم؟

 

إيلون ماسك


قال تقرير صحافي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن تكنولوجيا «ستارلينك» للإنترنت عبر الأقمار الصناعية، التي صنعتها شركة «سبيس إكس» المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك تثير قلق ومخاوف العالم في الوقت الحالي، وسط استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.


وقالت 3 مصادر مطلعة للصحيفة إنه في يوم 17 مارس (آذار) الماضي، قام الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة والجنرال فاليري زالوغني، قائد القوات المسلحة الأوكرانية، بإجراء مكالمة لمناقشة الغزو الروسي لأوكرانيا.


وتحدث القائدان العسكريان عن أنظمة الدفاع الجوي، وعن تقييماتهما للأوضاع في ساحة المعركة، وتبادلا المعلومات الاستخباراتية حول الخسائر العسكرية الروسية، كما تحدثا أيضاً عن «إيلون ماسك» وخدمة «ستارلينك» الخاصة به.


وأكد زالوغني أن قرارات أوكرانيا في ميدان المعركة تعتمد على استمرار استخدام خدمة ستارلينك للاتصالات، مشيراً إلى حاجة كييف لضمان الوصول للخدمة بسلاسة حيث ناقش كيفية تغطية تكلفتها بعناية.


ووفقاً للمصادر، فقد سأل الجنرال زالوغني ميلي أيضاً عن تقييم الولايات المتحدة لماسك، الذي لديه مصالح تجارية مترامية الأطراف وسياسات غامضة، إلا أنه لم يحصل على إجابة صريحة في هذا الشأن من رئيس هيئة الأركان المشتركة.


وأصبح ماسك، الذي يملك «سبيس إكس» و«تسلا» و«تويتر»، اللاعب الأكثر هيمنة في الفضاء، حيث اكتسب قوة بشكل مطرد في مجال الإنترنت عبر الأقمار الصناعية ذي الأهمية الاستراتيجية.


ومنذ عام 2019، يقوم ماسك بإرسال صواريخ سبيس إكس إلى الفضاء كل أسبوع تقريباً، حيث تنقل هذه الصواريخ العشرات من الأقمار الصناعية بحجم الأريكة إلى المدار.


وتتواصل الأقمار الصناعية مع محطات أرضية، حتى تتمكن من إرسال الإنترنت عالي السرعة إلى كل ركن من أركان الكوكب تقريباً.


واليوم، يوجد أكثر من 4500 قمر صناعي تابع لـ«ستارلينك» في السماء، وهو ما يمثل أكثر من 50 في المائة من جميع الأقمار الصناعية النشطة. وقد بدأت هذه الأقمار بالفعل في تغيير لون سماء الليل. ويخطط ماسك لامتلاك ما يصل إلى 42 ألف قمر صناعي في المدار في السنوات القادمة.


ودفعت تكنولوجيا «ستارلينك» بقيمة «سبيس إكس» إلى ما يقرب من 140 مليار دولار.


ووفقاً لتقرير «نيويورك تايمز»، فإن «ستارلينك» هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى الإنترنت في مناطق الحروب والمناطق النائية والأماكن التي ضربتها الكوارث الطبيعية.


ويتم استخدامها في أوكرانيا لتنسيق ضربات الطائرات المسيَّرة وجمع المعلومات الاستخبارية. وسعى نشطاء في إيران وتركيا إلى استخدام الخدمة كوسيلة للتصدي لمحاولات حكوماتهم لتقييد وصولهم إلى الإنترنت. وتعتمد وزارة الدفاع الأميركية على الخدمة بشكل كبير أيضاً، في حين أن الجيوش الأخرى، مثل اليابان، تختبر التكنولوجيا.


لكن السيطرة شبه الكاملة لماسك على الإنترنت عبر الأقمار الصناعية أثارت الكثير من المخاوف والإنذارات.


ووسط مواجهة القليل من التنظيم والرقابة، فإن شخصيته وأفعاله غير المتوقعة تثيران قلق الجيوش والقادة السياسيين بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم، حيث يمارس الملياردير سلطته في بعض الأحيان بطرق لا يمكن التنبؤ بها.


وبينما يتم الترحيب بماسك بوصفه مبتكراً عبقرياً، فإن فكرة أنه يمكنه في أي وقت أن يقرر إيقاف خدمة «ستارلينك» لعميل أو دولة بعينها، وأن لديه القدرة على الاستفادة من المعلومات الحساسة التي تجمعها الخدمة تثير القلق والمخاوف، خاصة مع عدم اقتراب أي شركة أو حكومة من إطلاق خدمة بنفس جودة «ستارلينك».


وفي أوكرانيا، تحققت بعض من هذه المخاوف. فقد قال أشخاص مطلعون على الوضع إن ماسك قد قيّد الوصول إلى «ستارلينك» عدة مرات خلال الحرب. فقد رفض في مرحلة ما، طلب الجيش الأوكراني تشغيل «ستارلينك» بالقرب من شبه جزيرة القرم، المنطقة التي تسيطر عليها روسيا، مما أثر على استراتيجية ساحة المعركة. وفي العام الماضي، طرح ماسك علناً «خطة سلام» للحرب بدت متوافقة مع المصالح الروسية.


وخوفاً من الاعتماد المفرط على تكنولوجيا ماسك، تحدث المسؤولون الأوكرانيون مع مزودي خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية الآخرين على كيفية الاستفادة منهم، لكن أولئك المزودين أقروا بعدم وصول خدماتهم إلى نفس مستوى «ستارلينك».


وقال وزير التحوّل الرقمي الأوكراني ميخايلو فيدوروف، في مقابلة: «ستارلينك هي بالفعل الدماء التي تتدفق للبنية التحتية للاتصالات بالكامل لدينا الآن».


وأشار اثنان من مسؤولي المخابرات الأميركية إن تسع دول على الأقل - بما في ذلك في أوروبا والشرق الأوسط - أجرت نقاشات بشأن «ستارلينك» مع المسؤولين الأميركيين على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، حيث أعربت هذه الدول عن قلقها بشأن سيطرة ماسك على التكنولوجيا.


وقال مسؤولون تايوانيون وأميركيون إن تايوان، التي قد تتعرض بنيتها التحتية للإنترنت للخطر في حالة حدوث غزو صيني، مترددة في استخدام الخدمة جزئياً بسبب الروابط التجارية بين ماسك والصين.


لكن، على الرغم من ذلك، فإن الصين لديها أيضاً مخاوفها الخاصة المتعلقة بهذه الخدمة، نظراً لرغبتها الدائمة في التحكم في الإنترنت وممارسة رقابتها عليه باستمرار، حيث قال ماسك العام الماضي إن بكين سعت للحصول على تأكيدات بأنه لن يقوم بتشغيل «ستارلينك» داخل أراضيها.


والعام الماضي، خصص الاتحاد الأوروبي، مدفوعاً جزئياً بالمخاوف المتعلقة بـ«ستارلينك» وماسك، 2.4 مليار يورو، لبناء كوكبة من الأقمار الصناعية للاستخدامات المدنية والعسكرية.


وتوفر «ستارلينك» سرعات تنزيل عبر الإنترنت تبلغ عادةً حوالي 100 ميغابت في الثانية، مقارنة بالعديد من خدمات الخطوط الأرضية. وتتقاضى شركة «سبيس إكس» عموماً رسوماً تبلغ حوالي 600 دولار لكل محطة تتلقى اتصالاً من الفضاء عبر خدمتها، بالإضافة إلى رسوم خدمة شهرية تبلغ حوالي 75 دولاراً، مع تكاليف أعلى للشركات والحكومات.


والخدمة متاحة الآن في أكثر من 50 دولة ومنطقة، بما في ذلك الولايات المتحدة واليابان ومعظم أوروبا وأجزاء من أميركا اللاتينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق